سناء الشرقاوي: التميز في فن صناعة أطباق مغربية لإمتاع ذواقيي واغادوغو

المذكرة السياحية

يحضر فن الطبخ والذواقة، وبالأخص الطبخ المغربي الأصيل بقوة بين مجموعة من المهن المتنوعة التي يمتهنها بهمة وحرفية وكثير من المتعة بعض من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالعاصمة البوركينابية، واغادوغو.

سناء الشرقاوي، وليدة مدينة سطات، هي واحدة من هذه الفئة، بمسار مهني “سيزيفي”، اقتحمت على نحو دؤوب هذا المشهد الفريد لفن طبخ مغربي يعود في مكوناته وأصوله العميقة الى المغرب، ويستقطب بقوة ذواقيي عاصمة هذا البلد.

في الثلاثينات من عمرها، انخرطت السيدة سناء بكليتها في بناء مشروعها وركنها الخاص لتقديم طعام مغربي يحظى بالأفضلية لدى العديدين، بكل ما يحمله التذوق والالتذاذ بالطعام من معنى؛ حيث يمكن الاستمتاع بأطباق مغربية أصيلة، ضمن أجواء ضيافة دافئة، تعزف على وتر الحنين بانغام مؤثرة ولاهبة بشوق فياض الى المغرب.

تقول سناء، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، “التحقت بزوجي في عاصمة بوركينا فاسو، حيث يشتغل. في الأيام الأولى من وجودي في هذا البلد، كنت ربة بيت، قبل أن أقرر البحث عن شغل لإبعاد الضجر والتخلص من وطأة بطالة كانت قاسية وصعبة التحمل على مدار اليوم”.

بعزيمة ومثابرة اكيدة للمضي قدما، أكدت السيدة سناء أن مشروعها كممونة حفلات يسير على نحو جيد، والأغلبية الساحقة من مواطنيها وأيضا من البوركينابيين يقبلون على طلب خدماتها المشهود بتميزها في إعداد أطباق مغربية أصيلة.

لم تكن البداية لتخلو من صعوبات جمة نتيجة بعض التعقيدات والإكراهات، تضيف السيدة سناء، لكنها “سرعان ما تبددت ورأى مشروعي النور أمام سعادة وغبطة الذواقيين المغاربة المقيمين في واغادوغو وأيضا السكان المحليين والمقيمين من الجاليات الأخرى”.

تمكنت سناء، الأم لطفلين، والعضو في جمعية النساء المغتربات في بوركينا فاسو، بفضل ما نسجته من أجواء متناغمة للعيش المشترك والتواصل السهل بالآخرين من جذب زبائن من الطبقتين المترفة والوسطى؛ واظبوا جميعهم على الإقبال بتهافت على الأطباق والحلويات المغربية، على نحو باتت تجد نفسها باستمرار تحت ضغط الانهماك المتواصل لتلبية الطلب المتنامي على ما تحضره من اطباق، موضحة أن عملها، بهذه الوتيرة، “يسير على ما يرام ودفتر الطلبيات لديها مملوء عن آخره “، وأنها لِتَدارُك أمر ضيق مكان عملها، اعتمدت مؤخرا خيار توصيل الطلبيات إلى المنازل.

قبل الانخراط في هذه التجربة، لم تكن سناء في سابق أيامها تتوقع أن الحياة ستحملها يوما ما بعيدا بآلاف الكيلومترات عن وطنها الأم.

كانت سناء تحكي بحسم وشغف وحماسة عن مسارها بمنطقة جنوب الصحراء، وكلها أمل في أن ترى حلما طالما راودها، وهو في ان تصل بمشروعها الى درجة يصبح معها وجهة بامتياز للمغرب خارج الحدود.

من هذه الزاوية، ما من شك، أن السيدة سناء تمثل التجسيد الأمثل لاندماج الجالية المغربية عموما والنساء على وجه الخصوص، في بلدان الاستقبال، ومنها إفريقيا جنوب الصحراء. فقد تمكنت، بسلوكها وكياستها وتصرفها الأنيق تجاه زبائنها، من الاندماج في المشهد الأواغالي، دون أن تنسى قيد أنملة انتماءها لمغربيتها وتشبثها الثابت بوطنها الذي ستبقى فخورة بالانتماء إليه على الدوام.

السيدة سناء، وكما هو أمر من اختاروا مثلها العيش في هذا البلد، مصممة، أكثر من أي وقت مضى، على مواجهة تحدي الاغتراب، الذي نجحت، الى غاية الآن، في مواجهته، وتمكنت من نحت مكان مستحق لها تحت شمس إفريقيا.

تقول إن المغرب و “على الرغم من البعد الجغرافي، سيظل حاضرا بقوة في أعماق القلب والروح، فأنا واحدة من أبنائه المقيمين في هذا البلد. وأستطيع الآن أن أفتخر بما أنا عليه، وأعطي لنفسي الحق، في أن أكون، وبتواضع، سفيرة متنقلة لفن طبخ وصناعة حلويات بلدي لدى البوركينابيين “.