المذكرة السياحية
تم، يوم الثلاثاء بالعاصمة الكينية نيروبي، تسليط الضوء على تجربة محكمة النقض المغربية في مجال حماية البيئة، وذلك خلال أشغال الندوة الإقليمية الثالثة حول الأنظمة القضائية الصديقة للبيئة في إفريقيا (3 – 5 أبريل).
وهكذا، أكدت السيدة إيمان المالكي، رئيسة قطب الشؤون القضائية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال جلسة نقاش حول “الاجتهاد القضائي الناشئ والتحكيم في مجال تغير المناخ”، ضمن أشغال هذه الندوة، أن المغرب انخرط، بفضل التوجيهات الملكية السامية في هذا المجال، منذ سنوات في وضع سياسات عامة في مجال حماية البيئة، مضيفة أن المملكة تمكنت من إرساء إطار قانوني متقدم للغاية يحترم الالتزامات الوطنية والدولية.
وأضافت أن “المغرب يتوفر على ترسانة قانونية متطورة ونصوص قانونية مبتكرة للغاية”، مسلطة الضوء على توجيهات محكمة النقض في هذا الاتجاه.
وتطرقت في هذا الصدد إلى تخفيف عبء الإثبات في القضايا البيئية، موضحة أن من الآن فصاعدا، لم نعد نأخذ في الاعتبار المفهوم الكلاسيكي للمسؤولية، القائمة على الخطأ والضرر والعلاقة السببية، وإنما مبدأ المسؤولية البيئية المفترضة.
وأوضحت السيدة المالكي أنه “يكفي أن يكون هناك ضرر لإقرار تعويضات عن الضرر” ، مشيرة إلى أن محكمة النقض أصدرت في هذا الباب مجموعة من الأحكام التي تكرس مفهوم المسؤولية، سواء في مواجهة الدولة أو الأفراد.
غير أنها أشارت إلى تعقيد المهمة في القضايا الجنائية، بالنظر لمبدأ الشرعية الجنائية، الذي ينص على أنه لا وجود لجريمة أو عقوبة إلا بنص قانوني، موضحة أن العناصر المكونة للجريمة البيئية يجب أن تكون واضحة ودقيقة في القانون، من أجل تفادي أي لبس أو سوء تأويل.
وفي معرض تطرقها إلى تطور الاجتهاد القضائي في الزمان والمكان، أشارت السيدة المالكي إلى أن القضايا البيئية في تطور دائم، مضيفة أن القضاة يلجؤون باستمرار إلى الممارسات الفضلى والخبرات الدولية، إضافة إلى حالات الاجتهاد القضائي المقارن، الذي يسهم في إثراء الممارسات الفضلى و يساعد في معالجة القضايا التي لا ترد في القوانين المحلية.
وقالت إن “من القواعد الأساسية لعمل محكمة النقض ضمان توازن المصالح” ، مشيرة إلى أن المصلحة البيئية العمومية تسمو فوق باقي المصالح.
وأشارت السيدة المالكي إلى أن المحكمة مسؤولة أيضا عن إثبات مسؤولية الدولة عن الضرر البيئي الذي قد تسبب فيه أي قرارات إدارية، مشيرة إلى أن القضاة أصبحوا أكثر اهتماما وأكثر حساسية لقضايا البيئة، وهو ما سيتيح للمغرب إمكانية المضي قدما في مجال الاجتهاد القضائي البيئي.
من جهة أخرى، سجلت السيدة المالكي أن محكمة النقض شاركت في مختلف فعاليات مؤتمر المناخ (كوب 22) ، الذي انعقد بمراكش في عام 2016، من خلال منشورات وندوات وأوراش عمل، وهو “ما مكنها من إسماع صوت إفريقيا في مجال البيئة”.
وقالت إن الموروث البيئي يمثل رأسمالا بشريا مشتركا بين مختلف البلدان الإفريقية، مشيرة إلى أن القاضي البيئي مسؤول عن حماية البيئة ويجب أن يكون لديه حساسية معينة تجاه القضايا المتعلقة بالبيئة.
وتتميز هذه الندوة الإقليمية، التي تنظم تحت شعار “تعزيز دور القضاء في مكافحة تغير المناخ في إفريقيا”، والتي تستمر إلى غاية الأربعاء ، بحضور أكثر من 300 مشارك من مختلف بلدان القارة الإفريقية.