تنمية الأجيال الصاعدة: محور أساسي ضمن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

المذكرة السياحية

باعتبارها مستقبل الأمة، وإحدى ركائز تطور المجتمعات وازدهارها، تحظى الأجيال الصاعدة (أطفالا وشبابا)، بأهمية كبرى ضمن برامج المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2023)، وإحدى محاورها الأساسية من خلال تمكينها من تعليم ذي جودة، وتعزيز دورها داخل المجتمع.

ولأن التعليم يظل المحرك الأساسي لهذه الفئة ووسيلتها للارتقاء نحو غد أفضل وضمان مستقبل آمن ومزدهر، فقد تم إيلاء عناية خاصة بالتعليم منذ سن مبكرة، في إطار المرحلة الثالثة من هذه المبادرة، التي رصدت لها استثمارات تقدر بـ18 مليار درهم، مع الحرص على توفير كافة الظروف الملائمة لتحقيق هذه الغاية كالتغذية والصحة ثم المواكبة والإدماج. وتستهدف هذه المبادرة التخفيف من التفاوتات على مستوى التعليم والهدر المدرسي من خلال توفير البنيات التحتية الملائمة والتجهيزات الأساسية كدور الطلبة والنقل المدرسي في المناطق صعبة الولوج والمهمشة، وكذا الإدماج المدرسي والتربية غير النظامية.

وتروم أيضا مواكبة الشباب وتوجيهم، فضلا على ملاءمة مؤهلاتهم الدراسية مع سوق الشغل ومتطلباته، وكذا تعزيز حضورهم على الساحة الثقافية والفنية والاجتماعية والرياضية بشراكة مع المجتمع المدني، عبر توفير البنيات التحتية الملائمة كدور الشباب والمكتبات والفضاءات الرياضية.

كما تستهدف المرحلة الثالثة من المبادرة تحقيق تنمية بشرية واجتماعية مستدامة، خاصة لدى الأجيال الصاعدة بالإضافة إلى تحصين وتعزيز المكتسبات المحققة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقتها في 18 ماي 2005، والتي حظيت بثقة المواطنين وإشادة المنتظم الدولي، باعتبارها حصيلة إبداع مغربي في خدمة التنمية البشرية، هدفها الأسمى تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وصون كرامة المواطن.

وفي هذا الصدد، شدد جلالة الملك، في الخطاب الذي وجهه بمناسبة الذكرى الـ19 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، على ضرورة النهوض بالأوضاع الاجتماعية عبر اعتماد مبادرة تشاركية، والتحلي ببعد النظر والنفس الطويل والسرعة في التنفيذ، مع تثمين المكاسب والاستفادة من التجارب الناجحة.

ودعا جلالة الملك إلى “اتخاذ مجموعة من التدابير الاجتماعية المرحلية، في انسجام مع إعادة الهيكلة التي نتوخاها”، داعيا جلالته الحكومة إلى الانكباب على إعدادها، في أقرب الآجال، وإطلاع جلالته على تقدمها بشكل دوري. وحتى يكون الأثر مباشرا وملموسا، فقد أكد جلالة الملك على التركيز على المبادرات المستعجلة في أربع مجالات من بينها إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بتعزيز مكاسبها، وإعادة توجيه برامجها للنهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل.

وهو ما قد تم تكريسه بالفعل، حيث ترأس جلالة الملك، في 19 شتنبر 2018 بالقصر الملكي بالرباط، حفل إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2023)، التي تمت بلورتها وفق هندسة جديدة، وتتطلب تعبئة استثمارات تقدر بـ18 مليار درهم.

وألقى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت كلمة بين يدي جلالة الملك، بهذه المناسبة، أكد فيها أنه وعملا بالتعليمات الملكية السديدة، فإن المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019-2023، تهدف بالأساس إلى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية، والكرامة، واستشراف المستقبل وزرع الأمل، وذلك من خلال اعتماد مقاربة شمولية، ترتكز على أربعة برامج متناسقة ومتكاملة تضمن إسهام كل الفاعلين في المجال الاجتماعي.

وأضاف لفتيت أن الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة، يشكل أحد هذه البرامج الأربعة، معتبرا إياه لبنة جديدة في بناء صرح المنظومة المندمجة للتنمية المستدامة، يهدف بالأساس إلى التصدي بطريقة استباقية لأحد الأسباب الرئيسية للتأخر الحاصل في مجال التنمية البشرية.

وبخصوص جانب التمويل، أبرز وزير الداخلية أن تنزيل المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019-2023، سيكلف مبلغا ماليا يقدر بـ18 مليار درهم، من ضمنه 6 ملايير درهم مخصصة لبرنامج دعم التنمية البشرية للأجيال الصاعدة.

وبذلك تظل هذه المبادرة ببرامجها الأربعة شاملة ومندمجة، تستهدف كافة الفئات الاجتماعية، وعلى رأسها الأجيال الصاعدة، بمنطق المساواة وتكافؤ الفرص قصد تقليص الفوارق الإجتماعية والتفاوتات المجالية بالمملكة، في إطار مقاربة تشاركية تقوم على الحكامة وحسن التدبير.